لبنان يبكي: العسكريّون عادوا... إنّما في نعوش




 الصمت في هذا اليوم هو الكلام الأنسب. ففي حضرة النعوش البيضاء الحاضنة شبابا اختاروا الوطن قضيّة تنحني كلّ العبارات والكلمات
مشهد اليوم حزينٌ حزين.. فمن انتظرناهم 3 سنوات على أمل العودة محرّرين، ها هم اليوم أمامنا إنما في نعوش باردة تُبعد عنّا وعنهم حلم اللقاء، تشعرنا بالعجز والألم في آن واحد.
قد يكون الصّمت هو الانسب، فمن منّا قادر على التخفيف عن تلك الأمّ المتشحة بالسواد، والتي كانت حتى أسابيع قليلة جالسة في الخيمة نفسها، معتصمة بالحب والامل لولدها الذي ذهب إلى المعركة ولم يعد، ولدها الذي ناداه الوطن فاستجاب، من دون ان يقابله بالمثل لحظة غدره "الإرهاب". كيف نخفف عن تلك الأم التي اثقلها الموت، بعدما فعل الانتظار والخوف فعلهما قبله؟
مشاهد الأب والزوجة والابن الذي أضحى يتيما... عبقت بها ساحة العلم في وزارة الدفاع حيث كان التكريم للعسكريين الشهداء الذين اصطفت نعوشهم المغطاة بالعلم اللبناني قرب بعضها البعض ليكونوا في الحياة والعذاب والموت جنبا إلى جنب.
لم تستكن الدموع لحظة، تماما كوجع الحقيقة، تراها في عيون الاهالي، غير المصدّقين أن فلذات أكبادهم غادروا الدنيا قبل أكثر من سنتين، وان اللقاء لن يتمّ أبدا. هم شاهدوا أولادهم في الفيديوهات يطلبون النجدة، يستنجدون لإبعاد كأس الموت عنهم، وتحرير رقابهم من خناجر الظالمين، من دون أن يُسمع لهم صوت
إنتهى التكريم، لتنتقل الجثامين مع الاهالي إلى ساحة رياض الصلح حيث خيمة الاهالي العابقة بسنوات من الأمل والانتظار، هناك كانت المحطة الوداعية، مرّت النعوش من هناك، وسط زحمة المواطنين الذين استقبلوهم بنثر الأرزّ والورود والتفّوا حول السيارات يحاولون إلقاء التحية على الجنود الابطال.
ستنكّس الاعلام ويغطّي الأسود الساحات والشاشات لأيام، سيُكتب عن الجنود الشهداء الكثير، كما ستُرفع صورهم على الطرقات والشوارع مع شعارات الوفاء والخلود... إلا أن الصفحة ستطوى بعد أيام او أسابيع أو ربما أشهر.. وحدهم الاهل لن ينسوا، مهما مرّ من الوقت، أنّه تحت التراب يرقد أحباؤهم، لأن أحدا عجز عن إنقاذهم، لا بل لأن أبناءهم اختاروا الاستشهاد من أجل أرض لا وصيّ شرعيّاً عليها.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حينما أمر ملك المغرب الراحل الحسن الثاني بإلغاء ذبح الأضحية بسبب الجفاف

تعرّفوا الى "نيو كراش" نادين نسيب نجيم!